Sunday, 10 August 2014

صيدا القديمة



سحر شبايطة

الوقت هو عمر الانسان، ورأس ماله في هذه الحياة، وما يمضى منه لا يعود.  فالحياة قطار سريع ولا قيمة لها إلا ان وجد فيها شيئا من الفضولية وحب التعرف والاستكشاف، فكيف اذ كان هذا الوقت في صيدا القديمة بين ازقتها  واهلها و اسواقها ومعالمها لا يمكن الا ان تأخذك لاصالة اهل هذه المدينة عبر التاريخ .


بعيدا عن مواقع وبرامج التواصل الاجتماعي وهدره لوقتنا استغليت هذا الوقت مع اصدقائي في التعرف اكثر على المدينة.  دخلنا اليها باكرا من قلب الاسواق اذ انها بدأت حياتها بفتح اصحاب المحلات عملهم ونيل رزقهم، اما عن اكياس  الخبز امام محلات مغلقة تبقى كما هي بأمانة حتى ياتي صاحبها ويتسلمها, فهذه من شيم الاهل الكرام .

على جوانب الطريق ورش من الخشب ومنحوتات مزخرفة واخرى نحاس وزجاج، ودكاكين صغيرة اصحابها يجلسون عند مدخلها يشربون القهوة والارجيلة تروي لنا ولهم حكايا وذكريات صامتة لا تحكى تستشعر فقط ، فعلا لمسنا بساطة العيش والحياة الشعبية بعيدا عن البرجوازية.  دخلنا معمل الصابون تجولنا داخله احدنا يلتقط صور لنفسه والاخر للتحف الموجودة فيها فخرجنا منه من ناحية حي الشاكرية، وقفنا لدقائق نشم رائحة الياسمين التي تعطر المكان، فبعض الاصدقاء قالوا اريد منزل بجانب هذا المعمل لاستيقظ يوميا على هذه الرائحة واتمتع بجمال المكان وكل ما حوله والبعض الاخر يتمنى لو ان بيته في حارات صيدا القديمة، والاخرين يلتقطون صور ويتباهون بها، ومررنا ايضا من جانب الكنيسة التى تدخل اليها من داخل منزل تسكنه عائلة، وعلى الحمام التركي ولكنه مقفل يفتح فقط في شتاء. والاهم من ذلك عند مرورنا من ساحة باب السراي التي تحيطها المقاهي و البيوت القديمة المزخرفة من الداخل والخارج سرعان من تذكرت طفولتي في هذه الساحة خصوصا على الدراجة الهوائية عندما كنت ازور بيت جد امي.

اما رائحة الخبز الشهية والكعك الطازج بين ازقة حارات صيدا اشعرتنا بالجوع، فأحد الاصدقاء يعرف محل مناقيش على الحطب في زاوية صغيرة جدا ذهبنا اليه فكان مغلق، والصدمة كانت بان المحل قد اقفل منذ فترة وان صاحبه قد توفي، فذهبنا لمطعم ابو العز تناولنا الافطار.

فصيدا القديمة بحاراتها واسواقها وناسها ومعالمها لها نكهتها الخاصة وبريقها الامع، فما من زائر دخل المدينة وخرج منها الا وشعر بالحنين الى الاجداد، وشعر بالبساطة والتواضع، وبقي يتوهج شوقا الى زيارتها مجددا. فستبقى اية من ايات التراث، واية من ايات الحضارة والتعايش الديني المختلف , حيث ان صيدا تتسع للجميع , وكل شيء فيها يمكن ان يشبهك وتشبهه , فهي تلك المدينة التي يقال عنها " بعض المدن حضنها دافئ " .





No comments:

Post a Comment